ابعاد الخفجى-رياضة:
لم تكن الإثارة الفنية داخل المستطيل الأخضر السمة الأبرز في مباريات الجولة ال٢١ من (دوري عبداللطيف جميل) والهاجس الذي سيطر على مشاعر الجماهير على الرغم من قوة المباريات واشتعال المنافسة على مراكز المقدمة الأربعة الأولى، فضلاً عن احتدام المنافسة بين النصر والأهلي على اللقب، وتزايد صعوبة تحديد الهابطين إلى دوري الدرجة الأولى، كل هذا لم يكن كافياً ليلفت الأنظار، التي توجهت إلى المناظر الجمالية التي رسمتها الجماهير السعودية في مختلف الملاعب على كل شيء، وكان الوطن هو الحاضر الأبرز في هذه الجولة التي تأتي بعد أيام من انطلاق عمليات “عاصفة الحزم” التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بقيادة القوات السعودية ومشاركة دول عربية وإسلامية عدة.
لقد كانت كلمة الجماهير السعودية مسموعة في الملاعب وعبر قنوات الفضاء وهي تحتشد لتعبر عن دعمها المطلق لقيادتها وقرارها بالوقوف أمام أي تهديد للأمة العربية والإسلامية، فضلاً عن حدود الوطن ومحاولة العبث بالدولة الشقيقة اليمن، واتفق عشاق الفرق السعودية كافة على أن الوطن هو الأول ومن بعده يأتي أي انتماء رياضي.
كان منظر مدرج استاد الملك عبدالله في جدة مهيباً ومعبراً في مساءين متتاليين، وكانت لوحة (التيفو) التي رسمها عشاق النادي الراقي (الأهلي) مساء (الجمعة) في لقاء فريقهم أمام الرائد على مدرجات الملعب عند مستوى الحدث، واستحقت لوحة (سلمان الحزم) إشادات تجاوزت حدود الوطن، الأمر الذي كشفته ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت تفاعلت فيه الجماهير الحاضرة في لقاء الشباب والفيصلي مع ماعرضته إدارة الملعب من صورة تعبر عن واقع الدعم الشعبي المطلق لعمليات “عاصفة الحزم” قبل أن يكون حضور الجماهير الاتحادية والنصراوية على الملعب ذاته زاهياً مساء أول من أمس (السبت)، وكان (التيفو) الاتحادي مثار إعجاب كل من تابع “الكلاسيكو” الذي لم يكن مستوى الفريقين الرفيع فيه أجمل وأبهى من الصورة التي رسمها عشاق “العميد” و”فارس نجد”، وفي القصيم كان للجماهير الهلالية حضوراً مختلفاً وهي تقول كلمتها حتى وفريقها يلعب خارج ملعبه، إذ ردد المدرج الهلالي النشيد الوطني السعودي مع لاعبي الفريق قبل بداية اللقاء، في منظر مهيب لايتكرر كثيراً في ميادين كرة القدم.
التفاعل الكبير لشباب الوطن ورياضييه مع “عاصفة الحزم” كان على مستوى الحدث، ويمكن القول إن مثل هذا الحضور المبهج شكل رسالة شعبية عفوية لكل العالم مفادها أن السعوديين يصنعون التاريخ خلف قيادتهم ويتقنون كتابته جيداً بالإجماع الشعبي العفوي على محبة الوطن وصدق الانتماء له، ومطلق الولاء له ولقيادته التي احتضنت شعبها المخلص، ليعانقها الشعب بالحب والطاعة والإخلاص في المنشط والمكره.
إن ما يعيشه المجتمع السعودي من أيام تاريخية بالتزامن مع دخول اليوم ال١٢ من “عاصفة الحزم” أمر يبعث على السعادة والفخر بهذا الوطن وقيادته، وبهذا الشعب الذي لا يزال يقدم الدروس للعالم كله في صدق العلاقة بين القيادة والشعب، وهو أمر يوجب شكر الله عليه والعمل على المحافظة عليه، بل وتعزيزه من أجل مستقبل مشرق للوطن وشعبه في ظل قيادة أثبتت حنكتها ومحبتها لأرضها وشعبها على مدى قرن من الزمن.