اقترح عضو الشورى عبدالله الحربي على اللجنة القضائية بالمجلس تبني توصية تدعو الرئاسة العامة للبحوث والإفتاء إلى استحداث مراكز إفتاء معتمدة في المناطق الرئيسة للمملكة، وربط تلك المراكز مع محاكم الأحوال الشخصية وتحويل مهام مكتب فتاوى الطلاق لتلك المراكز، وقال في مداخلة له يوم أمس أثناء مناقشة تقرير الرئاسة للعام المالي 39ـ1440: إن معدل فتاوى الطلاق من 12 إلى 15 فتوى يومياً، وهذا عدد كبير يحتاج إلى وقت وجهد، والسؤال أين دور محاكم الأحوال الشخصية وتعاونها مع فروع الرئاسة، بحيث تعالج مشكلات الطلاق التي ليس صفة (خصومة) وتخفف الضغط على المفتي، وطالب الحربي الرئاسة بالتنسيق مع الأقسام والكليات ذات العلاقة بالجامعات السعودية لإجراء البحوث والدراسات، وإقامة مؤتمر سنوي تحدد فيه أهم القضايا التي تحتاج إلى دراسة بمشاركة المختصين من الجامعات، من باب توسيع القاعدة البحثية ونقل المعرفة وتبادل الخبرات وتجويد المنتج العلمي.
وأكد الحربي أن الرئاسة تقوم بدور كبير في خدمة الإسلام والمسلمين، وذلك بإصدار الفتاوى وإعداد البحوث العلمية وطباعتها ونشر العلم الشرعي وتوزيع الكتب والرسائل داخل المملكة وخارجها، ويقول: «للتأكد من هذا الدور راجعت تقرير الرئاسة والذي أُعد على نمط التقارير السابقة صياغة وإعداداً وتبويباً، جُلّها جداول وبيانات وصفية، وسرد معلوماتي، يفتقد للتحليل وتقديم مؤشرات أداء للحكم على إنجازاتها»، وأضاف أن بعض الكتب لا تتفق مع أهداف ومهام الرئاسة وبعض موضوعاتها مكررة، كما أن بعض الكتب تطرح موضوعات تتعلق بأشخاص وليست منهجاً، وفيما يخص البحوث الإسلامية قال: «ليس لدينا معلومة أو مقاييس للحكم على مستوى الأبحاث العلمية، وهل هي أبحاث محكمة؟ وهل هي مرتبطة بأهداف ومهام الرئاسة؟ وهل هي تواكب المستجدات التي يعيشها العالم اليوم وفق رؤية شرعية عصرية؟ وهل هي تتماشى مع التحول المعرفي الذي تعيشه الدولة لتحقيق رؤيتها؟ ولفت عضو الشورى إلى أن مهام الرئاسة كبيرة، وتحتاج إلى دعم بكفاءات وأصحاب خبرة في كافة المجالات الإدارية والقانونية والتقنية وليس فقط في المجال الشرعي، والظروف التي تعيشها المنطقة حالياً تحتاج إلى جهود كبيرة تواكب تلك الأحداث.
ودعا عبدالعزيز الحرقان الرئاسة العامة إلى اعتماد خطة للنشر الإلكتروني والحد من النشر الورقي، وتأسيس برنامج لحوكمة البحوث العلمية لرفع جودة البحوث ومرجعيتها مثل ما هو متوفر في البحوث العلمية التقنية، وحثها ناصر الموسى إلى الاستفادة من مناهج وأدوات البحث العلمي الحديثة وتوظيفها في خدمة الإسلام، وأن تعمل على تعزيز استخدامها البحوث المسحية والاستقصائية والتطبيقية والإجرائية، وأكد إياس الهاجري أهمية أن تستخدم الرئاسة وسائل التواصل الحديثة للوصول إلى أكبر شريحة من المسلمين بما يحقق أهدافها ومهامها، وترى إقبال درندري أن على الرئاسة استخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم الفتاوى الفورية محلياً وعالمياً، بمختلف المذاهب واللغات، وبأسلوب متطور وموثوق يناسب متطلبات العصر.
وختم الشورى جلسة أمس الأربعاء بمناقشة التقرير السنوي لمستشفى الملك فيصل التخصصي وتقرير اللجنة الصحية بشأنه، والذي عرضه رئيسها عبدالله زبن العتيبي، وأكد أهمية التوسع في مشروع الطب الدقيق، والمبني على ما توصل إليه مشروع الجينوم البشري، والذي ساعد في تفسير الاختلافات الفردية في الاستجابة للعقاقير والأدوية من شخص إلى آخر، وأعاد تشكيل نظرة المجتمع الطبي والمعرفي، لطبيعة الأمراض، وكيفية علاجها، ولذلك تكمن أهمية مشروع الطب الدقيق في تقديم أدق وأفضل طرق التشخيص والعلاج، خاصة للأمراض المستعصية، حيث سيتمكن الأطباء من التشخيص الدقيق المتفرد، ومن ثم اختيار الدواء المناسب للشخص وليس للحالة المرضية فقط، وبهذا يحصل المريض على أقصى فائدة من العقار الفعّال بالجرعة المناسبة حسب حالته، واحتياجه، وتركيبته الجينية أو الوراثية، مما يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى.
وقال العتيبي: إن اللجنة الصحية تثمن القرار الذي صدر – مؤخراً – لاستقلالية المدير التنفيذي لمركز الأبحاث في المؤسسة، وهو ما يعكس الاهتمام من الدولة – حفظها الله – لهذا المركز، حيث تعد البحوث العلمية من أهم مخرجات أي مؤسسة علمية أكاديمية، وتكاد تكون المقياس الأهم للتطور العلمي في مجال الصحة والعلوم، وتقوم المؤسسة – حالياً – بعمل أبحاث علمية في مجالات طبية متعددة، تسهم في تطوير الممارسات السريرية والعناية الصحية للمرضى، كما تسهم في بناء شهرة للمستشفى على مستوى العالم، وهذا يتطلب ميزانية خاصة تدعم جهود هذا المركز؛ للمحافظة على تميزه في ظل التنافس العالمي في مجال البحوث والدراسات، لذلك جاءت التوصية الثانية، وأشار رئيس اللجنة الصحية إلى أن المؤسسة واجهت صعوبات في إتمام مشروع مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، وقد تعثر إتمام المشروع خلال العامين الماضيين، وتلقت المؤسسة دعماً من وزارة المالية مما ساهم في عودة تسارع العمل ورفع نسبة الإنجاز، والذي تأمله اللجنة هو الاستمرار في هذا الدعم لتسريع تشغيل المستشفى، وذلك باعتماد الميزانية اللازمة للتّشغيل حال الانتهاء من بناء المستشفى، وذلك لحاجة المنطقة الماسة له، وتخفيف الضغط على المستشفى الرئيس بالرياض، لذا جاءت التوصية الثالثة.
وفي مناقشات الأعضاء لتقرير مستشفى الملك فيصل التخصصي أكد هزاع القحطاني أهمية مضاعفة ساعات العمل في العيادات الخارجية وزيادة عدد الكادر الطبي فيها مراعاة لمراجعيها من خارج مدينتي الرياض وجدة، وطالب محمد العلي بالإسراع في تشغيل فرع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالمدينة المنورة، وأن يتم ذلك لكامل طاقته الاستيعابية للحاجة الماسة لذلك، وأشاد سلطان آل فارح بالخدمات المقدمة من المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث مشيراً إلى أهمية وجود فروع لهذا الصرح في جميع المناطق وفتح المجال لتدريب طلبة الامتياز في الجامعات في المستشفى.
واقترح عساف أبوثنين أن تقوم المؤسسة بافتتاح عيادات خارجية متخصصة سواء بمقابل مادي يدفعه المراجع أو على حساب الدولة لعلاج الحالات الصعبة والمستعصية، وحثت منى آل مشيط المؤسسة على الإسراع في تشغيل مستشفى الملك فيصل التخصصي الجديد في محافظة جدة، وأكد أحمد الأسود ضرورة وجود بيانات مالية ومحاسبية للشركات التابعة للمؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي.