ابعاد الخفجى-محليات:في مثل هذا اليوم من العام الماضي نعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لجميع أبناء الشعب والعالمين الإسلامي والعربي، أخاه الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الذي انتقل إلى رحمة الله في يوم الأحد الموافق 27-7-1433هـ، خارج المملكة عن عمر ناهز 78 عاماً، بعد سنوات طويلة حافلة من العمل المتواصل في الدولة عبر مختلف العهود، تنقل خلالها في مختلف المناصب القيادية والإدارية على مدى أكثر من 60 عاماً وحتى يوم وفاته، وقد وورى جثمان الفقيد الثرى في مقبرة “العدل”بمكة المكرمة ، وقد أدى خادم الحرمين بحضور عدد من الملوك والرؤساء والأمراء الصلاة على الفقيد بالمسجد الحرام الذي اكتظت أروقته وساحاته وأدواره بجموع غفيرة من المصلين والزوار الذين جاءوا لإلقاء النظرة الأخيرة قبل أن يوارى الثرى في مقبرة العدل ليحتضن ثرى مكة الطهور جثمان الفقيد نايف بجانب أخويه الأميرين الراحلين ماجد وفواز.
قاهر الإرهاب :
وقد أولى الأمير نايف بن عبدالعزيز بصفته وزيراً للداخلية على امتداد 37 عاماً على رأس منصبه، اهتماما بالملفات الأمنية والعمل على تطويرها بوصفها شراكة بين المواطن والمؤسسات الأمنية، حيث ظل يذود بـ«بسالة المقاتل الشجاع»، عن أمن الوطن ويقف بوجه كل من يحاول مس استقراره، عبر موقعه على رأس الوزارة «الساهرة» كما أطلقت عليها إحدى اللوحات التشكيلية التي علقت على جدرانها من الداخل.ومن ذلك: المعالجات الفكرية لقضايا التطرف والإرهاب، ومحاربة الفكر بالفكر أجدى وأنفع من محاربته بالسلاح والقوة فقط، حيث تم تأسيس إدارة خاصة في 2007م تحت اسم إدارة الأمن الفكري، ضمن تنظيم وزارة الداخلية الإداري، وتأسيس وتمويل كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود في عام 2008م، وتمويل كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في 2009م، وتشجيع ودعم عشرات الدراسات والأبحاث الخاصة بظاهرة التطرف وارتباطاتها، وتشكيل فريق عمل من أساتذة الجامعات لوضع خطط استراتيجية للأمن الفكري العربي، وتكليف فريق عمل كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري بوضع استراتيجية وطنية شاملة للأمن الفكري في 2010م.
وفي إطار مكافحة المخدرات، عمل الأمير الراحل على قيام استراتيجية العمل المؤسسي في مكافحة المخدرات، وتأسيس الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في جهاز الوزارة مع إدارة أمنية متخصصة في الأمن العام لمواجهة هذه الظاهرة على كل المستويات، وتأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في 2007م، وعقد عدد من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية بما يحد من انتشار هذه الآفة وتفاقمها ، وإن ما أدهش العالم أجمع تصديه – رحمه الله – بكل حزم وقوة لحركات الإرهاب والعبث والتدمير من الفئات الضالة المنحرفة، التي قامت بترويع الآمنين، وطالت بعض أطراف منجزاتنا التنموية، وحاز بذلك الإعجاب من مختلف الدول العربية والأجنبية الكبرى، التي سعت لتبني رؤيته واستراتيجيته الأمنية في التعامل مع هذه الحركات فكرياً، عبر تجفيف منابع التطرف بالمسارات المنطقية والواقعية والنصح والاحتواء الفكري؛ لذلك ظلَّ الملف الأمني السعودي بفضله متماسكاً ومتيناً مقارنة بدول أخرى مشابهة ، لقد أصبحت المملكة بفضل من الله ثم بفضل قائد الأمن الفكري الفقيد الأمير نايف بن عبدالعزيز – من أكثر المجتمعات أماناً واستقراراً، على الرغم من صعوبة ملف الإرهاب الذي سيطر عليه – رحمه الله -، وقضى عليه بشكل كامل.
«برزت جهود الأمير نايف بن عبدالعزيز على المستويين العربي والدولي، فعلى المحيط العربي أشرف الأمير الفقيد على لجان وحملات الإغاثة والعمل الإنساني لمشاريع التبرعات الشعبية والحكومية التي تتبناها وتقدمها المملكة للشعوب العربية المتعددة، ودعم جهود الإغاثة للشعب الفلسطيني، واعتماد وتنفيذ العديد من المشاريع الإنسانية للمتضررين في الحروب»
جهود إغاثية :
كما برزت جهود الأمير نايف بن عبدالعزيز على المستويين العربي والدولي، فعلى المحيط العربي أشرف الأمير الفقيد على لجان وحملات الإغاثة والعمل الإنساني لمشاريع التبرعات الشعبية والحكومية التي تتبناها وتقدمها المملكة للشعوب العربية المتعددة، ودعم جهود الإغاثة للشعب الفلسطيني، واعتماد وتنفيذ العديد من المشاريع الإنسانية للمتضررين في الحروب، وتقديم المساعدات الغذائية ودعم الأسر الفقيرة والجرحى والمعوقين وكفالة الأيتام ودعم التعليم الجامعي، وبناء المساكن الخيرية، وتقديم الأدوية والمستلزمات الطبية وبناء المراكز المتخصصة لعلاج الأورام السرطانية. أما دوليا، فقد دعم الجهود الإغاثية للشعب الأفغاني، وساعد على إنشاء اللجنة السعودية لإغاثة كوسوفو والشيشان، وإغاثة المتضررين من كارثة التسونامي في إندونيسيا، وإغاثة المتضررين من الزلازل والفيضانات في الدول المتضررة.
راعي العلم :
كما كان للأمير نايف العديد من الجهود في مجال خدمة العلم والمعرفة، ومنها تأسيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، حيث رأس مجلس إدارة الجامعة التي نهضت بتطوير الخبرات الأمنية والعدلية وتقديم برامج ومؤتمرات دولية تستفيد منها الدول العربية، وتمنح شهادات الدبلوم والماجستير والدكتوراه، كذلك تأسيس وإنشاء جائزة «السنة النبوية»، والتي تعد جائزة عالمية مخصصة لدعم الباحثين والعلماء في مجالات السنة وعلومها، ومسابقة الأمير نايف بن عبد العزيز لحفظ الحديث النبوي والتي تعنى بحفظ الحديث الشريف في عام 2006م، كذلك إنشاء كرسي الأمير نايف للوحدة الوطنية، وكرسي الأمير نايف للأمن الفكري، وكرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية. أما المنح العلمية، فقد تلقى عدد من الطلاب دراساتهم العليا داخل المملكة وخارجها بمنح علمية منه في تخصصات مختلفة، كما دعم نشاطات العديد من المؤسسات العلمية والعامة.
نشاط وافر :
وفي عام 1995م تم إنشاء قسم الدراسات الإسلامية بجامعة موسكو بدعم منه، كما رعى العديد من الجوائز والمؤتمرات والفعاليات العلمية والوطنية، منها جائزة السنة النبوية ومسابقة حفظ الحديث النبوي الشريف، وجائزة الأمير نايف للسعودة، ومؤتمر ومعرض الصحة والسلامة المهنية الثاني الذي تنظمه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والندوة الثانية للإصلاح والتأهيل في المؤسسات الإصلاحية تحت شعار «السجين والمجتمع»، والمنتدى الإعلامي السنوي للجمعية السعودية للإعلام والاتصال، والمنتدى الدولي للشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي، والندوة السنوية «الأمن مسؤولية الجميع»، والندوة السنوية «المجتمع والأمن»، ومؤتمر الأسر السعودية والتغيرات المعاصرة، والمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري بجامعة الملك سعود، وملتقى الدراسات الدعوية، وندوة ترجمة السنة النبوية، والمؤتمر الوطني الـ19 للحاسب في جامعة الملك سعود بعنوان «الاقتصاد الرقمي وصناعة تكنولوجيا المعلومات»، والمؤتمر الإسلامي الثاني لوزراء البيئة، والمؤتمر الأول لشعبة الهندسة الصناعية في الهيئة السعودية للمهندسين، ومؤتمر سلامة وصحة الحجيج، والمؤتمر الدولي الأول للسياحة والحرف اليدوية، ومؤتمر حقوق الإنسان في السلم والحرب، والمؤتمر العربي الثاني لرؤساء النيابات العامة، والمؤتمر العربي السابع لرؤساء أجهزة الإعلام، والاجتماع المشترك مع وسائل الإعلام العربية.
تكريم دولي :
حصل فقيد الوطن على العديد من الأوسمة والكثير من الشهادات دوليا وعربيا وداخليا، ومن ذلك: وشاح «السحاب» من جمهورية الصين عام 1977م، ووسام «جوقة الشرف» من فرنسا عام 1977م، ووسام «المحرر الأكبر» من جمهورية فنزويلا عام 1977م، ووسام «الكوكب» من المملكة الأردنية الهاشمية عام 1977م، والدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة «شنغ تشن» في الصين الوطنية عام 1979م، ووشاح «الملك عبد العزيز» من الطبقة الأولى والذي يعد أعلى وسام في المملكة العربية السعودية، ووسام «الأمن القومي» من كوريا الجنوبية عام 1980م، والدكتوراة الفخرية في القانون من كوريا الجنوبية، ودرجة الدكتوراة الفخرية في العلوم السياسية من الجامعة اللبنانية عام 2009م، وذلك في ختام الدورة الـ26 لمجلس وزراء الداخلية العرب في بيروت، والدكتوراة الفخرية من جامعة أم القرى في السياسة الشرعية، ووسام «الأرز» من الجمهورية اللبنانية عام 2009م، والدكتوراة الفخرية من جامعة الرباط في جمهورية السودان.
موسم الحج :
ويعتبر الأمير نايف وتد خيمة الحج، برئاسته للجنة الحج العليا، وهي اللجنة التي تبدأ اجتماعاتها التحضيرية لأي موسم حج، مباشرة بعد انتهاء الموسم السابق. ولا يكتفي الأمير نايف بالتقارير الدورية التي ترفع له عن سير التحضيرات لموسم الحج، إذ يحرص وبشكل سنوي على الوقوف بنفسه ميدانيا على تلك الاستعدادات ، فعندما يأتي موسم الحج السنوي الذي ينتظره المسلمون والحجاج تجد نايف بن عبد العزيز ” يرحمه الله ” يقف بنفسه ويشرف على هذا الركن العظيم، ويكون بمثابة العين الساهرة حضوراً وإشرافاً وتنظيماً من خلال خلق جو أمني وتوفير الخدمات لضيوف الرحمن في مكان واحد ووقت محدود. ..
لقد مر عام على رحيل نايف الأمن .. وبقي أمن نايف .