جدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز التأكيد على معالجة أزمة الإسكان وبرز في خطابه من منبر مجلس الشورى الأربعاء قبل الماضي حرصه ـ أَّيَّده الله ـ على تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين والمواطنات، مؤكداً على توجيهه للوزراء والمسؤولين لتسهيل الإجراءات وتوفير مزيد من الخدمات بجودة عالية والتوسع في عدد من البرامج التي تمس حاجات المواطنين الرئيسة ومن أهمها برنامج الإسكان، وبرز الثلاثاء الماضي مجدداً إبان إقرار خادم الحرمين الشريفين للميزانية العامة للدولة للعام المقبل اهتمام القيادة الرشيدة بقطاع الإسكان وتخصيص إنفاق ما يربو عن 60 مليار ريال على هذا القطاع من ميزانية 2018 من خلال وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقاري، وبعض المشروعات التي يتبناها صندوق الاستثمارات العامة، وتأكيد الإسكان على توفير 300 ألف منتج سكني خلال ميزانية العام الجديد.
ولاشك بأن مجلس الشورى يعي مضامين هذا الاهتمام والحرص والتوجيه من القيادة الرشيدة وقد صدر عنه حزمة من القرارات التي رفعها للمليك المفدى لمعالجة أزمة الإسكان وتوفير السكن المناسب للمواطن، وتدرس لجنة الإسكان والخدمات بالمجلس عدداً من المقترحات والتوصيات التي تستمدها من التوجيه الملكي والدعم السخي الذي يعقبه لتوفير السكن المناسب للمواطن أينما كان.
«الرياض» تستعرض في هذا التقرير بعضاً من ملحوظات مجلس الشورى الرقابية على أداء الصندوق العقاري ووزارة الإسكان التي تحولت للوزارة قبل سبع سنوات بعد أن كانت هيئة، كما تحاول عرض أبرز قرارات مجلس الشورى السابقة واللاحقة التي تنتظر التصويت على التقارير المتعلقة بملف الإسكان، ومدى ملامستها احتياج المواطن وهمومه وتحقيق حلمه في الحصول على السكن وتنفيذ توجيه القيادة الدائم بهذا الملف.
الشورى بادر بفرض رسوم على الأراضي
في وقت قياسي أعد مجلس الشورى مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسم على الأراضي البيضاء، كما سبق ذلك بأن طالب بإيجاد حلول تخطيطية وتنظيمية تهدف إلى معالجة المساحات الواسعة البيضاء داخل المناطق السكنية ووضع قيود تخطيطية ورسوم وغرامات مالية تلزم ملاك الأراضي المخصصة للسكن بسرعة تطويرها، وذلك بالتنسيق مع وزارة الإسكان، وأقر المجلس قبل نحو ثلاث سنوات لائحة حماية الأراضي الحكومية مشدداً على أنها لائحة مؤقتة حتى تنتهي الشؤون البلدية والقروية بالتنسيق مع الجهات المعنية من إعداد مشروع نظام لحماية الأراضي الحكومية ليكون بديلاً عنها.
إستراتيجية وطنية للإسكان
درس الشورى وأقر الإستراتيجية الوطنية للإسكان، التي تضمنت إيضاح آليات توفير المساكن لذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل والأيتام والمطلقات بدون عائل ضمن متن الإستراتيجية، وأكدت إستراتيجية الإسكان أن عدد الوحدات السنوية سيكون حوالي 257 ألفا في الحد الأعلى للتقديرات وإنشاء مشاريع يتراوح عددها بين 250 إلى 350 ألفا وفي هذه الحالة سيتراوح عدد الوحدات سنوياً بين 160 إلى 180 ألفا خلال الخمس سنوات التي تلي البدء في تنفيذ الإستراتيجية التي أوضخت أن التفاوت يتراوح بين 115 و257 ألف وحدة سكنية سنوياً مما يتطلب إطاراً مرناً للتعامل مع السيناريوهات المختلفة للطلب على الإسكان.
ودعت الإستراتيجية إلى تشجيع البنوك على التمويل العقاري، وتوفير برامج تستهدف الفئات الاجتماعية المختلفة بما يناسب كل منها، ووضع نظام للدعم المستهدف من خلال الصندوق العقاري، وتطوير برامج جديدة مثل تشجيع إيجاد بنك إسكان تعاوني أهلي، وإيجاد أنظمة تأمين متقدمة لتشجيع البنوك على زيادة الإقراض العقاري وضمانه، وإنشاء صندوق للإسكان لتوفير التمويل للقطاع الخاص، ووضع ضوابط لمنع المضاربة في الأراضي، والرقابة على الإيجارات بما يضمن حق المؤجر والمستأجر.
القرض 500 وإلغاء شرط الأرض
وفي قرار وجد ترحيباً شعبياً كبيرا، طالب مجلس الشورى قبل تسع سنوات بزيادة مبلغ القرض العقاري إلى 500 ألف ريال لمواجهة تكاليف البناء المرتفعة وأقر إلغاء شرط تقديم صورة من صك تملك الأرض مع الأساس للمطابقة عند التقدم لطلب القرض في صندوق التنمية العقارية وفقاً التوصية المقدمة من د. عبدالرحمن البراك مساعد رئيس مجلس الشورى حينها، كما وافق على رفع رأس مال صندوق التنمية العقارية المدفوع إلى 200 ألف مليون ريال بدلاً (91،8) مليار ريال، وأيد المجلس بالأغلبية توصية اللجنة المالية المطالبة بدراسة وضع آلية للتعاون بين الصندوق والمؤسسات المالية التجارية لمنح تمويل إضافي لمن يرغب من مقترضي صندوق التنمية العقارية تحقيقاً لمصلحة المقترض والصندوق والمؤسسات المالية التجارية إضافة إلى تحديث نظام الصندوق بما ينسجم مع نظام الهيئة العامة للإسكان والأنظمة ذات العلاقة، كما أقر المجلس مساواة المواطنة بالمواطن في شروط الاستفادة والحصول على القرض من الصندوق، حينما وافق بالأغلبية على توصية لثلاثة أعضاء وفاء طيبة ولبنى الأنصاري ومنى آل مشيط.
دعم سداد 30 ملياراً متأخرة للعقاري
وفي توصيات داعمة للصندوق العقاري يصوت مجلس الشورى بعد غدٍ الثلاثاء على توصيات للتوجيه الحازم لجميع الجهات الحكومية والخاصة بتطبيق الحسومات الشهرية على منسوبيها لصالح الصندوق والرفع بها بصفة منتظمة، ودعم الصندوق ومساعدته في تحصيل قروضه المتأخرة التي بلغت 30 مليار ريال حسب أحدث تقرير سنوي للصندوق، ونبه المجلس على معالجة المبالغ المالية المجمدة والتي هي عبارة عن قروض لأشخاص صدرت لهم موافقات بالقروض لكنهم لم يراجعوا الصندوق لإنهاء إجراءات تسلمها ومباشرة البناء وتجاوز عددهم 100 ألف شخص، وطالب الصندوق بدراسة هذا الموضوع والعمل على تحويل القروض إلى أشخاص آخرين في قائمة الانتظار مع مراعاة الأحقية والأولوية، كما دعا الصندوق إلى دراسة أنواع القروض والمبادرات المطروحة من الصندوق ومدى إقبال المواطنين على بعضها وإحجامهم عن الآخر ومعرفة الأسباب وطرح الحلول والمعالجات المناسبة.
خفض مدد الانتظار وتسريع إقراض المواطن
وضمن القرارات التي اتخذها الشورى ورفعها إلى خادم الحرمين الشريفين على التقرير السنوي للصندوق العقاري للعام 35 ـ 1436، طالب المجلس بخفض مدة الصرف لطالبي القروض العقارية ومعالجة 488 ألفا بالانتظار، مشدداً على ضرورة السعي الجاد لمعالجة الطلبات المتراكمة على الصندوق العقاري وإيجاد الحلول لهذه المشكلة المقلقة والمزعجة للمواطنين وحسب تقرير الصندوق للعام المالي المشار إليه يصل مبلغ القيمة التقديرية لهذا الطلبات 224 مليارا و 144 مليون ريال، وقبل ذلك وبعد دراسة تقرير سابق وافق المجلس على توصيات تطالب صندوق التنمية العقارية بإيجاد حلول سريعة للمواطنين الموافق لهم على قروض وليس لديهم أراض وذلك بالتنسيق مع وزارة الإسكان، ودعا الصندوق إلى العودة إلى تطبيق برنامج القروض الاستثمارية ودعمه مالياً، وصرف كامل القرض السكني للراغبين في شراء الشقق السكنية التي لا تقل مساحتها عن 175م، كما أقر توصية للعضو السابق جبران القحطاني تطالب الصندوق بالتنسيق مع وزارة الإسكان لوضع آلية لتسريع إقراض مستحقي السكن وفق آلية الاستحقاق من المبلغ المخصص لإنشاء 500 ألف وحدة سكنية.
ولم يقف دور المجلس عند وضع التوصيات بل درس وشخَّص عبر لجنته المعنية بملف الإسكان واقع تمويل القروض العقارية من قبل الصندوق وخرج بقرارات يرى أنها تعالج أزمة السكن وتأخر حصول المواطنين على القروض من «التنمية العقارية» فقد طالب وزارة المالية بسرعة دعم الصندوق العقاري لسداد الفرق بين رأس المال المصرح به ورأس المال المدفوع ومقداره 56 مليار ريال، في إشارة على تنفيذ قراره السابق بشأن زيادة رأس مال الصندوق إلى200 مليار، كما شدد على دعم رأس المال بمبلغ سنوي ثابت ويما يؤدي إلى إنهاء طلبات المتقدمين خلال 10 سنوات كحد أقصىى، وسرعة دعم البرامج الجديدة التي يعتزم الصندوق المبادرة في تنفيذها كنظام القرض المعجل.
الشورى يمنع الإسكان من تمويل المطورين
وفيما يخص أداء وزارة الإسكان وأبرز قرارات الشورى بشأنها، أقر المجلس مؤخراً توصيات لإيقاف وزارة الإسكان بالتوقف عن تمويل المطورين وأن تعطي أولوية الإقراض للمواطنين، كما طالبها بالإسراع في تسليم المنتجات الإسكانية للمواطنين مع التأكيد على إزالة المعوقات لخيار توفير القروض المباشرة من خلال نشاط صندوق التنمية العقارية، إضافة إلى إعادة النظر في جودة وتكلفة قروض البنوك التي تقدم للمواطنين قبل تحويلهم إليها من خلال تمثيل الوزارة للمواطن في صياغة عقود التمويل المقدمة من البنوك للمواطنين ومؤسسات التمويل عند التقدم بطلب قروض عقارية، ودعا إلى دراسة أسباب تدني نسب إنجاز مشروعاتها والمطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة الكفيلة بإنهاء المشروعات في مواعيدها.
وسبق وصوت مجلس الشورى لصالح إقرار توصيات تطالب وزارة الإسكان بتقديم خططها الزمنية والمكانية والعمرانية لتوفير المنتجات السكنية للمواطنين، وفصل قوائم الانتظار على بوابة الوزارة بحيث يعجل الإقراض للراغبين في شراء وحدات سكنية من القطاع الخاص ودعم البند المخصص لذلك من المبالغ المعتمدة، وإعداد جدول زمني يوضح المتحقق من المستهدف الكمي في خطة التنمية العاشرة سنوياً، وتوضيح الالتزامات المالية التي ستترتب على مستحقي السكن لأي من منتجاتها.
نماذج من مداولات الأعضاء
ختاماً، كثيراً ما يرفض أعضاء الشورى مبررات وزارة الإسكان والصندوق العقاري في عدم التمكن من تلبية القروض والطلبات الخاصة بالسكن ومن ذلك لم يقنع الأعضاء باحتجاج الوزارة بشح الأراضي واعتبارها أحد أبرز المعوقات التي تواجه أزمة الإسكان وقال الأمير خالد آل سعود: إن 205 ملايين متر مربع منحت للإسكان مناسبة وتوفر 200 ألف قطعة أرض بمساحة 600 متر ولكن الوزارة أنجزت 85 ألف قطعة فقط، مشيراً إلى أن شكوى الوزارة من شح الأراضي يضع علامة استفهام كبيرة..؟، وأكد بأن هناك تأخرا كبيرا في تنفيذ مشروعات الإسكان، كما لم توضح تقارير الوزارة السنوية ما يفيد بشأن دعم الدولة السخي للإسكان وتخصيص 250 مليارا لها، كما أن المشروعات الممولة من فوائض ميزانية الدولة في بعض السنوات لم يتجاوز الصرف فيها 25 %، وانتقد الأمير خالد تدني نسبة الإنجاز في مشروعات الإسكان مؤكداً عجزها عن تقديم منتجات سكنية للمواطن رغم الدعم والصلاحيات، مستغرباً تعذرها بمعوقات مرت على أجهزة أخرى مثلها وتجاوزتها مطالبا لها بتقديم بيانات إنجاز لا بيانات مشروعات تحت التطوير وقال: «الدولة لم تدخر جهدا في تقديم الدعم المالي لقطاع الإسكان إلا أن المواطن لم يلمس إنجازاً».
وأكد فهد بن جمعة محاربة احتكار العقار لتنتهي مشكلة شح الأراضي وارتفاع الأسعار مطالبا إلزام أصحاب الوحدات السكنية بالتسجيل بنظام إيجار، واستغرب منصور الكريديس عدم تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للإسكان، مشيراً إلى تباطؤ الوزارة في العديد من المشروعات التي صرحت عنها، مطالباً بالإسراع في إصدار الإستراتيجية الخاصة بالإسكان ووضع برنامج زمني محدد لذلك، وطالب العضو السابق سعود الشمري بضرورة حصول ذوي الدخل المحدود والفقراء على الأولوية في برامج التمويل الحكومية، وإيجاد برامج تمويل بديلة بحسب فئات المجتمع، ويرى أعضاء أن الوزارة لم تتمكن حتى الآن من تحقيق تطلعات المواطنين، كما أن منتجاتها السكانية قليلة ولا تلبي الحاجة.