لفت تقرير رقابي إلى أن خادم الحرمين الشريفين أولى هيئة حقوق الإنسان اهتماماً كبيراً وجعلها مرتبطة به بشكل مباشر، وأعطيت الصلاحيات الكبيرة والميزانية المناسبة التي تمكنها من القيام بجميع مهامها ونشر الوعي بحقوق الإنسان في المجتمع والمشاركة مع الجهات المختصة في تعزيز هذا الوعي، وأوضحت لجنة الهيئات الرقابية بمجلس الشورى أن معرفة المواطنين بحقوقهم وواجباتهم لا تزال ضعيفة حسب استطلاعات بعض الصحف واستفتاءات الهيئة عن معرفة الناس بواجباتهم حول بعض القضايا الحقوقية.

وترى اللجنة إعلان الحقوق والأنظمة لتكون في متناول عامة الناس وحتمية علمهم بآليات تنفيذها، وقدمت لجنة الهيئات الرقابية عدداً من التوصيات المهمة على التقرير السنوي الأخير لهيئة حقوق الإنسان لتستدرك حسب مداخلة د. فاطمة القرني عضو الشورى تحت القبة، من خلالها بعض أوجه القصور في مستوى أداء الهيئة وفي مدى انعكاس ذلك على طبيعة العلاقة فيما بينها وبين وسائل ووسائط الإعلام المختلفة التقليدي منها والجديد على السواء.

وركزت توصيات لجنة الهيئات الرقابية اهتمامها على محاور رئيسة تمثلت في التعريف ابتداءً بما هو حق أصيل وبما لا يعد كذلك على المستوى الفردي والجماعي، ثم تقييم واقع الحال في المملكة من حيث مدى كفاءة الأنظمة والقوانين لدينا وقدرتها الفعلية والملموسة لضمان تلك الحقوق، يلي ذلك ما يلزم من بذل جهد في مجال تأهيل المشتغلين في مجال حقوق الإنسان ببرامج تعليم وتدريب متخصصة تُمكِّنهم – نساءً ورجالاً – من تمثيل أصحاب الحقوق في الداخل والخارج بشكلٍ احترافي مؤسس بدلاً مما نلحظه حالياً – والحديث للقرني – من تكاثر أعداد من يتم إبرازهم تحت وصف ناشط أو ناشطة حقوقية، ممن يفتقرون للحد الأدنى من مستويات التأهيل المطلوبة، ومن ثم ينال ذلك من جدارة تعبيرهم عن القضايا التي يتبنونها ويؤثر بشكل سلبي جلي على مسألة الاقتناع بأهميتها وبمشروعية طرحها، وهذا يحدث من قبل عدد من المستقلين عن الهيئة، بل ومن بعض من يزعمون الانتساب إليها أو التعاون معها.

وتؤمل د. القرني لذلك ألاَّ يقتصر جهد الهيئة على ما دعت إليه التوصية من حيث العمل مع وزارة التعليم للابتعاث لبرامج الدراسات العليا، وإنما يجب أن يتراحب ليشمل في برامج التأهيل كل مَعنيّ بحقوق الإنسان في المملكة، فمن خلال ذلك تحديداً يمكن للهيئة أن تؤدي دورها عبر ممثلين جديرين بالتعبير عن القضايا الحقوقية لدينا فرديةً كانت أو جماعية بشكل عملي إيجابي مؤثر في سرعة معالجتها، وهي آلية تواجه وتَنقض خطاب بعض “نجوم” هذا المجال ممن يُسوِّقونَ لتصورات خاطئة عن واقع حقوق الإنسان في بلادنا، ولا يترددون في تضخيم بعض الحالات الفردية لتشويه ذلك الواقع، وأشارت إلى أن ذلك يحدث أحياناً – للأسف الشديد – عبر منابر ومنافذ إعلامية محسوبة علينا بشكل أو بآخر.

وأكدت عضو الشورى أهمية إضافة وزارات الداخلية والخارجية والشؤون الإسلامية لتوصية اللجنة التي طالبت الهيئة بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام وضع المعايير الموافقة للشريعة الإسلامية ومبادئ اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة لتكون مرجعاً معتمداً عند تناول قضايا حقوق الإنسان في المواد الإعلامية؛ لأن لكل تلك الأجهزة دوراً محورياً في صياغة تلك المعايير، وإمداد وزارة الإعلام بها ومشاركتها في جانب المتابعة والرقابة، وكذلك تقرير العقوبات عند مخالفتها، وأضافت القرني أن في تحقيق ما تطالب به التوصية وفق التعديل المقترح سيعمل على تبصير عامة الناس وتمكينهم من معرفة مواقف المملكة من اتفاقيات حقوق الإنسان المختلفة بكل وضوح وشفافية، وقالت: “وهذه ضرورة ملحة وأولوية تستحق الاهتمام كل الاهتمام” وتابعت: فالشائع في كثير من وسائل الإعلام حالياً أننا بموازاة خطابين متناقضين صاخبين أحدهما يصور المملكة مُنساقة لكل ما تضمنته الاتفاقيات الدولية من مبادئ ومواد دون تمحيص ولا تدقيق ومن ثم يجد في ذلك خروجاً على تحكيم شرع الله المستمدةِ مبادءهُ من القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفي المقابل يرى أصحاب الخطاب النقيض في تحفظات المملكة ورفضها لبعض مبادئ عدد من الاتفاقيات الدولية غير المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية جموداً وتقييداً مبالِغاً في تَوَجُّسِهِ، ويجد أن في ذلك ما يعطل التقدم التنموي في المملكة في مجالات عدة ويؤثر على دورها وصورتها وطبيعة موقعها الريادي في العالم، ولهذا – والحديث للقرني – فتأطير معايير تحدد مواقف المملكة مما تضمنته من مختلف الاتفاقيات الدولية وفق رؤية فقهية شرعية ومدنية حقوقية في الآن نفسه إجراءٌ ضروريٌّ بالغُ الاستحقاق والأهمية.

إلى ذلك، رأت لجنة مجلس الشورى في دراستها لتقرير هيئة حقوق الإنسان للعام المالي 37 ـ 1438، أن الكوادر المتخصصة في مجالها على مستوى الهيئة والمستوى الوطني محدودة، ولا تتناسب مع التحديات التي تواجهها المملكة واحتياجات المجتمع، وطالبت بالابتعاث لبرامج الدراسات العليا في مجال حقوق الإنسان.