حققت المملكة ثورة صناعية هائلة شاملة غير مسبوقة في تاريخها خلال العام الجاري 2018 عمت مختلف أنحائها شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ولا سيما في قطاعات صناعة النفط والغاز والبتروكيميائيات والتعدين والتكرير والطاقة والصناعات الأخرى الثقيلة والخفيفة وصولاً إلى الصناعات التحويلية التي مهدت لصناعة السيارات وقطع الغيار والصناعات البحرية والعسكرية إلى المنتجات الاستهلاكية في ظل رعاية ملكية مباركة، حيث قاد الملك سلمان -حفظه الله- بيديه الكريمتين دافعاً أضخم حراك صناعي عرفته المملكة والمنطقة الخليجية والعربية والعالم أجمع في ظل تلاحم عمالقة النفط والتكرير والبتروكيميائيات والتعدين في العالم شركات “أرامكو” و”سابك” و”معادن” التي تحالفت فيما بينها للهيمنة في المشهد الصناعي العالمي منجزة مشروعات صناعية استراتيجية جديدة في المملكة وفي مختلف أنحاء العالم من الصين مروراً بأوروبا وصولاً لأميركا بحجم استثمارات تقدر بنحو ثلاثة تريليونات ريال وفتح عشرات آلاف الوظائف.

رحلة التريليون الثالثة

وقاد الملك سلمان وبارك وفق رؤيته الحكيمة وبعد نظر ولي عهد الأمين الأمير محمد بن سلمان قائد التحول الوطني 2020 ورؤية 2030، رحلة التريليون الثانية في الاستثمارات الصناعية بالجبيل وينبع ورأس الخير للتعدين وجازان للصناعات الأساسية والتحويلية ورابغ ومدينة الملك سلمان للطاقة والمدن الاقتصادية الأخرى لتمضي باستقرار نحو رحلة ترليونية ثالثة معززة مكانة المملكة الصناعية في صدارة دول العالم في إنتاج البتروكيميائيات وتكرير النفط والمعادن حيث ارتفعت الطاقة الإنتاجية للبتروكيميائيات إلى نحو 120 مليون طن سنوياً وارتفاع الطاقة التكريرية إلى خمسة ملايين برميل سنوياً لتنتج أكثر من 1,8 مليون برميل يومياً من المنتجات المكررة.

فيما تنامى حجم صادرات مدن الهيئة الملكية للجبيل وينبع لأكثر من 70 % من إجمالي الصادرات السعودية، وبلوغها من إجمالي الصادرات غير النفطية في المملكة 85 % ومضيها لرفع عدد المنتجات الصناعية الأساسية والتحويلية ذات القيمة المضافة من 432 منتجا إلى 516 منتجا، وزيادة إجمالي ناتج صناعات مدن الهيئة الملكية البالغة 252 مليون طن إلى 309 ملايين طن، ورفع حجم استثمارات القطاع الخاص بالمملكة من 681 مليار ريال إلى 1.065 تريليون ريال بحلول 2020، فضلاً عن عدم إغفال رفع تنافسية قطاع الطاقة بالمحافظة على حجم الطاقة الإنتاجية للبترول 12.5 مليون برميل يوميا، وحجم إنتاج الغاز الجاف من 12 مليار قدم مكعب قياسي يومياً، إلى 17.8 مليار قدم مكعب قياسي يومياً.

أكبر تحالف سعودي في تاريخ العالم

وأنجزت شركتا “أرامكو” و”سابك” خطوات متقدمة في مشروعهما المشترك لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات، حيث تم إنجاز 50 % من الدراسات التفصيلية والتصميمية والهندسية وطرح مناقصات الأعمال الهندسية بحجم استثمارات تقدر بنحو 112.5 بليون ريال (30 بليون دولار) ويمثل أكبر تحالف سعودي في تاريخ العالم ومن المخطط إنجازه في غضون سبع سنوات، حيث من المخطط تشييده في مدينة ينبع الصناعية وسيوفر حوالي 100 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة، وسوف يدعم هذا المجمع المبتكر زيادة قيمة صادرات السلع غير النفطية من 185 مليار ريال، إلى 330 مليار ريال، في وقت من المتوقع أن يستهلك حوالي ثمانية ملايين طن متري من الزيت الخام سنوياً في هذا المجمع لإنتاج البتروكيميائيات والمواد الكيميائية المتخصصة.

فيما دفعت خطط المملكة ومهدت لتطوير مدينة لصناعة السيارات وتوفير العديد من المزايا والتسهيلات للمستثمرين في هذا القطاع حيث يجري التحضير لدعم المدينة بوفرة المواد الأولية في المملكة من المنتجات المتخصصة والألمنيوم والمطاط والبلاستيك، وغيرها بأسعار منافسة، وذلك بعد أن نجح مضلع التنمية الصناعية بالمملكة “أرامكو” و”سابك” و”معادن” في إنجاز عدة مشروعات لتوفير المواد الخام والوسيطة لتصنيع السيارات وأجزائها وقطع الغيار بضخ استثمارات تقدر بنحو 150 مليار ريال والتي من المخطط أن تستقطب صناعات ذات صلة بصناعة السيارات بحجم استثمارات متوقعة تقدر بنحو 200 مليار ريال وفتح 100 ألف وظيفة مؤكدة، فضلاً عن عقد الصفقات مع كبار مصانع السيارات في العالم لتزويدهم باللقيم والمواد المتخصصة لتطوير صناعة السيارات لديهم.

ونجحت المملكة في دفع ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على سبعة تريليونات ريال ليمضي قدماً في التحالف في المشروعات الصناعية العملاقة في المملكة وخارجها كشريك مستدام تستهدف خلق مجتمع حيوي واقتصاد متنوع مزدهر يهدف إلى زيادة الإيرادات غير النفطية إلى 600 مليار ريال بحلول العام 2020، وإلى تريليون ريال بحلول العام 2030.

قطاع المعادن وأهم التطورات

فيما أنجز قطاع المعادن أهم التطورات في تاريخه مستهدفاً تحقيق نحو 100 مليار ريال سنوياً وتوفير 90 ألف وظيفة، بدأت نتائجها مطمئنة ومبشرة جداً في تحسن أدائه ومضاعفة عوائده وتحقيق أكثر من مليار ريال أرباحا في النصف الأول من 2018 ورفع قيمة مبيعاته لأكثر من سبعة مليارات ريال كانتفاضة فعلية وعاجلة في أعقاب ما كشفه قائد التحول الوطني الأمير محمد بن سلمان عن تدني مخرجات قطاع التعدين لينجح القطاع في تطوير صناعة التنقيب وإنتاج الذهب ومعادن الأساس وفرض أقوى منافسة عالمية برفع الإنتاج إلى 18 مليون أونصة وتحقيق أكبر المبيعات في تاريخها بقيمة 12,08 مليار ريال في 2017.

ونجحت الدولة في وضع استراتيجية لزيادة مساهمة سلاسل القيمة المعدنية في الناتج المحلي الإجمالي المباشر وغير المباشر والمستحدث من 64 مليار ريال إلى 188 مليار ريال بحلول العام 2030، أي بمقدار نمو يمثل حوالي 124 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي، وخفض صافي واردات المملكة من المنتجات المعدنية بأكثر من 19 مليار ريال بحلول العام 2030، وزيادة إيرادات الدولة السنوية من القطاع من 4,5 مليارات ريال سنويًا لأكثر من 15 مليار ريال بحلول العام 2030.

واقتربت المملكة من تحقيق أهدافها الصناعية برفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 % من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وتنمية الإيرادات غير النفطية برفع قيمتها بنسبة 224 % لتصل إلى 530 مليار ريال في 2020، وزيادة قيمة صادرات السلع غير النفطية من 185 مليار ريال، إلى 330 مليار ريال.

أكبر حوض بحري بالشرق الأوسط

وأنجزت المملكة أعظم حقبة صناعية بتوجهها للصناعات البحرية وبناء أول وأكبر حوض بحري بالشرق الأوسط في رأس الخير الصناعية بحجم استثمارات تقدر بنحو 15 مليار ريال ويشمل بناء وتصنيع وهندسة وإصلاح السفن التجارية وصناعة أول ناقلة نفط بحرية عملاقة سعودية المنشأ، وإرساء المنصات البحرية وخدماتها المساندة والتي من المخطط إنجازها 2021 لتسير جنبا إلى جنب لتعزيز أحد أهم أهداف التحول الوطني 2020 بتحويل المملكة من مستوردة للسفن وقطع غيارها إلى مصنع عالمي ومصدر لها، وتوفير 80 ألف فرصة عمل للسعوديين.

مدينة الملك سلمان للطاقة

وأنجزت خطوات متقدمة في أعمال تهيئة وتجهيز البنية التحتية للمرحلة الأولى لمدينة الملك سلمان للطاقة المدينة الحلم والتي من المخطط أن تضخ 22.5 مليار ريال للناتج الإجمالي المحلي سنوياً وفتح عشرات آلاف الوظائف للمواطنين والمواطنات في منطقة استراتيجية بين مدينتي الدمام والأحساء بالمنطقة الشرقية حيث يمثل الموقع قلب اقتصاد الطاقة في العالم حيث تكامل سلسلة القيمة، والبنية التحتية والخدمات ذات المستوى العالمي، والقرب من الأسواق العالمية التي تشهد طلباً متنامياً مستمراً للمنتجات المخطط إنتاجها في المدينة.

ومن المقرر انتهاء الأعمال الإنشائية لكامل المرحلة الأولى في العام 2021 في حين يتم البناء على ثلاث مراحل من المتوقع إنجازها بحلول سنة 2035م، في وقت تستهدف خطط أرامكو جذب نحو 120 مشروعا استثماريا صناعيا في المراحل الأولى من المجمع وتستهدف عند اكتمال بنائه جذب أكثر من 300 استثمار صناعي وغير صناعي والتي ترمي لتنويع الاقتصاد وتخفيض الاعتماد على النفط، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتطوير مختلف القطاعات.

ثورة جازان الصناعية

وتحضر مصفاة وفرضة جازان المملوكتان بالكامل لأرامكو لتوليد أكثر من 450 ألف وظيفة بحلول 2020 حيث من المخطط أن توفر أكثر من 70 ألف فرصة وظيفية جديدة مع ترقب لإطلاق استثمارات وأعمال في المنطقة يصل إجمالي تكلفتها نحو 70 مليار ريال إضافة إلى المصفاة والفرضة البالغ تكلفتها 26 مليار ريال، وتتأهب لبدء التشغيل التجريبي ومعالجة 400 ألف برميل في اليوم من الزيت العربي الثقيل والمتوسط في وقت تقرر أن تكون مخرجات المصفاة موجهة بشكل رئيس للاستثمار الداخلي للمنطقتين الغربية والجنوبية وتصدير الفائض للأسواق العالمية، إضافة إلى تنفيذ مشروع لصناعة السفن والأعمال المرافقة لها من إصلاح وصيانة في مدينة جازان على البحر الأحمر الذي تعبره 20 ألف سفينة سنوياً، ويتضمن إقامة منشآت الحوض الجاف، ومنشآت التصنيع والخدمات، وتقدر تكلفتها بثمانية مليارات ريال، ويوفر المشروع حوالي 2000 وظيفة مباشرة، إضافة إلى خطط تنفيذ مشروع لإنتاج صفائح الحديد التي تدخل في صناعة السفن والمعدات المستخدمة في صناعة البترول والبتروكيميائيات وتحلية المياه ومن المقدر أن تبلغ تكلفة المشروع أربعة مليارات ريال، ويوفر حوالي 1200 وظيفة.