يخضع للمناقشة تحت قبة مجلس الشورى الثلاثاء المقبل، التقرير السنوي للهيئة العامة للاستثمار، وخمس توصيات انتهت إليها دراسة لجنة الاقتصاد والطاقة بالمجلس، وطالبت فيها بمراجعة وتقييم جدوى التراخيص الاستثمارية الممنوحة، والتأكد من جدواها وعدم التفافها على الأنظمة الداخلية للمملكة.

كما دعت التوصيات الهيئة إلى تطوير مؤشرات الأداء لتتمكن من قياس جدوى الاستثمار الأجنبي، استناداً لقدرة تلك الاستثمارات على خلق الفرص الوظيفية المناسبة للمواطنين، وتبني معيار واضح لحجم المنشآت التي يمكن الترخيص للاستثمار الأجنبي لها، بحيث لا يقل متوسط رأس مالها عن حد معين مع توطين تقنية عالية، وبما يمكّن من تأسيس كيانات مؤسسية قوية قادرة على خلق وظائف للمواطنين.

ولاحظت لجنة الاقتصاد الانخفاض الكبير جداً في متوسط استثمارات الأفراد الأجانب من بعض الدول، مقارنة بعدد التراخيص الممنوحة لهم، مما يمثل الصغر المتناهي بحجم المؤسسات المرخص لها، فمثلاً بلغ المتوسط للاستثمار بحسب كل ترخيص 12 مليون ريال للأردنيين، وخمسة ملايين بالنسبة للبنانيين، و2،5 مليون ريال بالنسبة للمصريين، وثلاثة ملايين للسوريين، و4،5 ملايين للهنود، وخمسة ملايين لدول أخرى، ورأت لجنة الشورى حسب تقريرها الذي حصلت عليه “الرياض” أن مثل هذه الاستثمارات تمثل عبئاً على الاقتصاد السعودي وتقلص من قدرات وفرص النماء للمؤسسات الوطنية الصغيرة والمتوسطة، كما تخشى اللجنة أن مثل هذه الأنواع من الاستثمارات قد تمثل التفافاً على تطبيق الأنظمة الداخلية بالمملكة كنظام التأشيرات والإقامة.

وأوضح تقرير هيئة الاستثمار للعام المالي 38 ـ 1439 أن مؤشر عدد الوظائف المستهدفة من الاستثمار الأجنبي المباشر وقدرتها لسنة الأساس بعدد 5200 وظيفة، وترى لجنة الاقتصاد أنه وبقياس هذا العدد بناء على التراخيص الممنوحة من الهيئة التي بلغت 377 ترخيصاً فالمطلوب 14 وظيفة تقريباً في المتوسط من كل ترخيص استثماري تمنحه الهيئة.

وتؤكد “اقتصادية الشورى” أن هدف هذا المؤشر منخفض جداً قياساً بالاحتياجات التنموية للمملكة، ومن الأنسب بناء ذلك المؤشر استناداً إلى معدل الوظائف الوطنية التي سوف تخلق بالمملكة جراء كل ترخيص استثماري تمنحه، علاوة على أنه بالنظر إلى التراخيص الاستثمارية الممنوحة، فيلاحظ أن متوسط رأس المال المستثمر بالمنشأة المرخص لها بكل نشاط منخفض جداً، فقد بلغ ذلك المتوسط 39 مليون ريال في النشاط الصناعي وسبعة ملايين في النشاط الخدمي و39 مليون ريال في النشاط التجاري و775 ألفاً في النشاط العقاري.

وبلغ عدد التراخيص الممنوحة حتى عام التقرير 38 ـ 1439 لهيئة الاستثمار 7911 ترخيصاً بإجمالي رأس مال أجنبي مستثمر قدره 228 مليار ريال، أي بمتوسط استثمار 29 مليون ريال تقريباً في كل منشأة تم الترخيص لها، وترى لجنة الاقتصاد الشوريَّة أن مثل تلك المنشآت ذات رأس المال المخفض لا تعد ذات مردود اقتصادي جيد للمملكة، وخصوصاً فيما يتعلق بخلق الوظائف للمواطنين، ما لم تكن تعمل في قطاع التقنية لتساهم بتوطين التقنية، ولذا لابد من السعي لتحديد الحد الأدنى المستهدف للاستثمار الأجنبي بكل منشأة يرخص لها.

إلى ذلك وحسب مناقشة مجلس الشورى للتقرير السنوي السابق لهيئة الاستثمار، انتقد أعضاء أداء الهيئة، مشيرين إلى أنها تؤدي عكس دورها المنوط بها، فأصبحت تجذب الوافد للعمل باستثمارات الأموال السعودية، بدلاً من استثمار الأموال الأجنبية، وتوطين شيء من وظائفها، مطالبين بمراجعة سياسات الهيئة، ومتسائلين عن قلة أعداد الوظائف المتاحة للسعوديين في الاستثمارات التي صرحت لها الهيئة العامة للاستثمار نسبة للوظائف المتاحة لغير السعوديين، ودعا أعضاء إلى دراسة أسباب هجرة أموال المستثمرين السعوديين إلى الخارج وتذليل المعوقات كافة لتوفير بيئة جاذبة ومشجعة للاستثمار المحلي وتوطينه، ومعالجة وضع السعوديين المهاجرين والمقيمين في الخارج بصفة دائمة أو شبه دائمة والتي يتوقع أن يكون من أهم أسبابها هو وجودهم بجانب استثماراتهم في الخارج.