ربّما لا يعرف الكثيرون شركة “أرلانكسيو” للكيميائيات المتخصصة، التي أعلنت أرامكو السعودية مؤخرًا عن اكتمال استحواذها عليها، غير أنها ترتبط بقطاعات واسعة حول العالم حيث قدّمت لها منتجًا محبوبًا لديها، وهو نسخة كرة القدم لمونديال كأس العالم 2018م في روسيا، أطلق عليها “تيليستار 18″، وتم تصنيعها من المادة المطاطية “كيلتان إيكو”.
وتشكّل تلك المادة وسادة إسفنجية مرنة لكرة القدم قادرة على امتصاص الصدمات، وتساعد على ارتداد الكرة بشكلٍ مثالي أثناء اللعب. وتشتهر مادة “كيلتان إيكو” بخصائص عالية الجودة من حيث القدرة على المحافظة على الموارد، وتقليل الاعتماد على المنتجات المصنعة من المواد الهيدروكربونية، بالإضافة إلى أن أثرها الكربوني أقل بكثير من البوليمرات التي يتم تصنيعها تقليديًا.
الاستحواذ على “أرلانكسيو”
جاء امتلاك الشركة لهذا المشروع بالاستحواذ على حصة شريكتها الألمانية شركة “لانكسيس” والبالغة 50 % مقابل 1.4 مليار يورو، وبذلك تكون أرامكو السعودية قد خطت خطوة كبيرة في تحقيق هدفها من تكامل أنشطتها في مجال النفط الخام والغاز والكيميائيات، وتصبح أكثر تنويعًا لأعمالها في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق، كما يعزز من قدراتها في مجمل مراحل سلسلة القيمة النفطية التي تخدم مجتمعات العالم.
وتواصل أرامكو السعودية المُضي بخطى ثابتة نحو بناء قدرات إنتاج وتكرير إضافية، والعمل على توسيع أنشطتها في مجال المواد الكيميائية، محليًّا وعالميًا، إلى جانب الأعمال التجارية والتسويقية، إذ إن “أرلانكسيو” هي إحدى الشركات العالمية المنتجة للمطاط الصناعي ولدائن الإيلاستومر، والتي تورّد لكبريات شركات تصنيع الإطارات وقطع غيار السيارات حول العالم.
في عام 2011م، أعلنت أرامكو السعودية أن هدفها الاستراتيجي هو أن تصبح شركة عالمية رائدة ومتكاملة للطاقة والكيميائيات، حتى يجعلها ذلك أكثر قدرة على تعظيم وتنويع مصادر الطاقة، وتُطوّر الاستفادة من الموارد الهيدروكربونية الحالية بطرقٍ جديدةٍ ومبتكرةٍ، ومن خلال العديد من المشروعات المشتركة والشراكات الدولية، نجحت الشركة في دمج معظم مصافيها مع مرافق الكيميائيات، ما أسهم في تشكيل منظومة أعمال ومشروعات تتضمن إمداد النفط الخام والتكرير والبتروكيميائيات وزيوت التشحيم.
وفي سياق تطوير الأنشطة الكيميائية من خلال الشراكة مع شركاء دوليين، أطلقت أرامكو السعودية في أبريل 2016م رسميًا شركة أرلانكسيو، مناصفة مع شركة لانكسيس الألمانية للكيميائيات المتخصصة، التي تتخذ من ماسترخت في هولندا مقرًا لها، في خطوة مهمّة تعكس زيادة مشاركة أرامكو السعودية في قطاع الكيميائيات، وكجزء من هدف الشركة الاستراتيجي لعام 2020م بأن تصبح الشركة الرائدة والمتكاملة في مجال الطاقة والكيميائيات في العالم.
تنويع الإمكانات الاقتصادية
تساعد هذه الشركة في تنويع الإمكانات الاقتصادية الكاملة للموارد الهيدروكربونية في المملكة، وتُسهم في إتاحة المزيد من فرص التنوّع الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
وتأتي تلك الشركة في إطار مساعي أرامكو السعودية لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الشاملة لها في أعمال التكرير والتوزيع والتسويق، والتي تشمل: تلبية احتياجات المملكة من المنتجات المكررة على النحو الأمثل، مع بناء نظام عالمي للتكرير. وإنشاء أعمال كيميائية متكاملة من الدرجة الأولى. وزيادة تكامل مرافق التكرير والتوزيع والتسويق. وتنفيذ إستراتيجية تسويق النفط الخام. وتعظيم اكتساب القيمة من فرص التكامل في مجال الكهرباء والتوليد المزدوج، وضمان الاكتفاء الذاتي، والموثوقية والكفاءة، مع تحسين مزيج الوقود في الوقت نفسه.
يتركّز جزءٌ كبيرٌ من أعمال “أرلانكسيو” على إنتاج إطارات عالية الأداء في مجال صناعة السيارات. ويساعد الإطلاق الرسمي للشركة على تعزيز المركز التنافسي لأرامكو السعودية في السوق العالمية. وتستثمر الشركة من خلال “أرلانكسيو” في مرفق عالمي لإنتاج المطاط الصناعي والإيلاستومر يوفّر بالفعل احتياجات كثير من كبار مصنّعي الإطارات وأجزاء السيارات في العالم.
وبالإضافة إلى إيجاد مصدر إيرادات جديد لأرامكو السعودية، تحفّز الشركة الجديدة فرص النمو والتنوّع الاقتصادي للمملكة ومنطقة الشرق الأوسط في القطاعات القائمة على الإنتاج بكميات ضخمة، مثل صناعات الإطارات وأجزاء السيارات، التي تعتمد على هوامش الربح العالية، والمنتجات الكيميائية ذات القيمة المضافة. يُعد إطلاق “أرلانكسيو” خطوة باتجاه توفير فرص وظيفية مجزية تتطلب مهارات عالية في مجال التصنيع.
وتعمل مبادرات أرامكو السعودية المستمرة لتكامل مصافيها ومعاملها الكيميائية على إنتاج منتجات متعددة منها الإثيلين والبروبلين والبوتادايين ومكونات البيوتان، وهي مواد خام أساس لوحدات تصنيع المطاط والإيلاستومر في شركة أرلانكسيو.
ومن جهتها، تسعى “أرلانكسيو” لأن تصبح إحدى العلامات التجارية العالمية في صناعة المطاط. ويعزّز ذلك برامج أرامكو السعودية للبحوث والتطوير في مجال تحسين استهلاك المحركات للوقود بشكلٍ عامٍ من خلال رفع كفاءتها.
يحتل إطلاق كامل الإمكانات التي تنطوي عليها الموارد الهيدروكربونية مكان الصدارة في إستراتيجية أرامكو السعودية في مجال التكرير والمعالجة والتسويق، حيث تخطط الشركة للاستفادة من الأوجه المشتركة وتحقيق التكامل على الصعيدين التشغيلي والجغرافي، وذلك من خلال الربط بين إمدادات النفط الخام والغاز والتكرير والكيميائيات وزيوت الأساس في المناطق التي تتمتع بإمكانات نمو عالية.
وجاء إطلاق أرامكو السعودية لهذه الشركة لمساندة النمو، حيث توفر الموارد لتنمية أعمالها، والمساعدة في تمويل جهود الابتكار اللازمة لاستمرار ريادتها، إذ أنها لا تشارك فقط بإمداداتها الموثوقة من اللقيّم، بل أيضًا بتميّزها التشغيلي، وخبرتها في المشروعات العملاقة، وإمكاناتها المالية القوية.
توفر “أرلانكسيو” احتياجات كثير من كبار مصنعي الإطارات وأجزاء السيارات في العالم، حيث إنها تعزّز تنوّع سلّة أعمال الشركة وقدراتها في جميع مراحل سلسلة القيمة للمواد النفطية والكيميائية، ويمكّنها من إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية لموارد المملكة الهيدروكربونية. كما يمكن أن يُسهم هذا المشروع كمحفّز لتعزيز التنوع الاقتصادي للمملكة، ويساعد في توفير فرص وظيفية مجزية تتطلب مهارات عالية في مجال التصنيع.
تتألف منتجات وحدة الإيلاستومرات عالية الكفاءة من مجموعة واسعة من الأصناف العالمية متعددة الخصائص التي تتيح حرية في تركيبات الوصفات وتصميم المنتجات ومجالات المعالجة. ويُساند هذه المنتجات خدمة فنية عالمية تتميّز بالموثوقية والكفاءة العالية. وتُستَخدم هذه المنتجات في إنتاج مكونات وظيفية في الصناعات الهندسية المرتبطة بالسيارات والتنقيب عن النفط الخام والغاز وإنتاجهما والميكانيكا والإنشاءات والكابلات. كما تُستخدم هذه المنتجات كمحسّنات للمواد البلاستيكية وعناصر خام للمواد اللاصقة.
تركّز أعمال التقنية في شركة أرلانكسيو، على استخدام إطارات صديقة للبيئة وذات كفاءة في استهلاك الوقود واستخدام المواد المتخصصة غير المعدنية واللدائن عالية الأداء في صناعة النفط الخام والغاز والتضافر في مجال بحوث الوسائط الكيميائية والتجارب عالية الإنتاج.
وتمتلك “أرلانكسيو” وحدات أعمال ومراكز فنية مختلفة للمعامل والتطبيقات في جميع أنحاء العالم. وذلك بما يتوافق مع اهتمام أرامكو السعودية بتطوير استخدامات البوليمر. وتمثّل قدرات “أرلانكسيو” لمعالجة البوليمر والمطاط أهمية كبيرة بالنسبة للشركة، ما يفتح الباب للتعاون بين قادة التقنية في “أرلانكسيو” ومركز البحوث والتطوير في أرامكو السعودية لتوطيد هذه الشراكة لأقصى حدٍّ ممكنٍ.
وضمن سعيها إلى توسيع شبكتها العالمية للبحوث والتطوير، تخطط “أرلانكسيو” للتعاون مع شركة وادي الظهران للتقنية لتطوير إمكاناتها البحثية في صناعة منتجات الإيلاستومر، حيث قامت، مؤخرًا، بتوقيع خطاب نوايا مع شركة وادي الظهران للتقنية -وهي شركة مملوكة بالكامل لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن- لتأسيس مركز بحوث وتطوير لمنتجات الإيلاستومر في المملكة. وتهدف “أرلانكسيو” من خلال هذه الشراكة وبالتعاون مع الباحثين في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، إلى تعزيز إستراتيجية أرامكو السعودية لنمو أعمالها في مجال الكيميائيات. وبتعاونها مع الجامعة، ستتمكن “أرلانكسيو” من تسريع وتيرة تطوير فرص النمو وذلك عبر الاستفادة من الحضور القوي لمنتجات أرامكو السعودية، في قطاع البتروكيميائيات.