خفضت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، المملكة أسعار خامها لأكثر من 30 ٪، مما أدى إلى اندلاع حرب أسعار مع روسيا التي تهدد بتشويش الاقتصاد العالمي الذي يصارع بالفعل تفشي فيروس كورونا. في الوقت الذي يقود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المملكة نحو الاقتصاد غير النفطي بأمل تحويل البلاد لقوة صناعية لا تعتمد على موارد النفط بشكل رئيس، في حين يقابل تلك الجهود طرق صخبة يكنفها تفشي الوباء الذي عصف بالطلب العالمي على النفط مثقلاً كاهل الاقتصاد السعودي، الذي ما فتئ بقطع خطوات كبيرة جداً في تحوله للاقتصاد غير النفطي دون أدنى اكتراث بهزات أسواق النفط.

وقالت كارين يونغ العالمة المقيمة في معهد أميركان إنتربرايز المحافظ في واشنطن “إن الخطر الأكبر الذي يواجه السعوديين في الوقت الحالي هو احتمال انخفاض أسعار النفط بدرجة كبيرة إلى أدنى مستوى، مما قد يصعب من أمر السيطرة بالرغم من قوة الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة الذي تعززت قدراته في السنوات الأخيرة بعد تعهد ولي العهد بفتح اقتصاد المملكة غير النفطي بأسره للعالم، الأمر الذي أنعش الاستثمارات بشكل غير مسبوق.

وانخفض خام برنت بمقدار الثلث تقريبًا إلى 31 دولارًا للبرميل يوم الأحد الفائت، حيث كان رد فعل التجار على تخفيضات الأسعار السعودية، بأنه أكبر انخفاض لسوق النفط منذ عقد، بعد أن رفضت روسيا دعوة أوبك لخفض الإنتاج.

وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2016 بعد أن أعلنت شركة أرامكو السعودية عملاقة النفط العالمي أنها تخطط لخفض الأسعار، وهي خطوة تصعد صدام روسيا مع أوبك وتهدد بإطلاق سيل من النفط الخام إلى أسواق الطاقة المزودة جيدًا. وتشير غالبية التحليلات إلى أن الخطوة السعودية، هي حق مشروع لانتزاع بعض حصتها من السوق بعد الخذلان الروسي الذي خيب آمال دول أوبك المسيطرة على غالبية الإنتاج العالمي. ويأتي ذلك بعد شراكة طويلة الأمد بين بعض من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم بما في ذلك المملكة وروسيا، المنقسمة يوم الجمعة. وفشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق بشأن تخفيضات الإنتاج لدعم سعر النفط في مواجهة التباطؤ الاقتصادي المرتبط بفيروس كورونا.

وتراجعت الأسهم الأوروبية مع استمرار توترات فيروس كورونا وانخفضت أسعار النفط بعد فشل اتفاق لخفض الإنتاج بين أوبك وروسيا. وانخفض المؤشر الأوروبي “يورو ستوكس 600” بنسبة 3.6 ٪، فيما انخفض مؤشر “فوتسي 100” بنسبة 3.5 ٪، مع انخفاض مؤشر “كاك 40” بنسبة 4.1 ٪، وانخفاض مؤشر “داكس” بنسبة 3.4 ٪.

وفي آسيا تراجعت الأسواق الآسيوية بسبب انخفاض أسعار النفط وسط مخاوف من أن الاقتصاد العالمي الذي أضعفه وباء فيروس كورونا قد يكون غارقًا في النفط الخام. وأظهرت بيانات رسمية أن صادرات وواردات الصين تراجعت في الشهرين الأولين من العام، حيث أدى وباء الفيروس التاجي إلى اتخاذ تدابير لاحتواء انتشاره وتعطيل الإنتاج والشحن في الوقت الذي ضرب فيه سلاسل الإمداد العالمية. وهبطت صادرات الصين بنسبة 17.2 ٪ في الفترة من يناير إلى فبراير مقارنة بالعام السابق، وعكست الزيادة بنسبة 7.6 ٪ على أساس سنوي المسجلة في ديسمبر بينما سجلت أكبر انكماش فيما يقرب من عام، فيما توقع اقتصاديون انخفاضاً بنسبة 17 ٪ على أساس سنوي.