قد يكون مقال اليوم مختلفات نوعاً ما عن مقالاتي السابقة وذلك لتخصصه ولكني على يقين تام بأن القارئ سيستفيد منه بشكل كبير في بيئة العمل أو حتى في حياته الخاصة وتعاملاته مع الاخرين.
تحتل إدارة الموارد البشرية مكانة حيوية في نجاح أي منظمة، فإدارة الموارد البشرية تعكس غالبا توجه المنظمة واستراتيجياتها وما تسعى للوصول إليه خلال الفترة القادمة. وهنا يأتي دور موظفي الموارد البشرية الذين ينقسمون حسب تخصصهم ومعرفتهم لطبيعة الموارد البشرية في تنفيذ هذه الخطط الاستراتيجية وما يُطلب منهم من الإدارة العليا، فالأصل أن يسخر موظفوا هذه الإدارة امكاناتهم ومعارفهم في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة للمنظمة ولكن ليس على حساب الموظفين، وهذا يعني الوقوف في المنتصف بين ما تريده الإدارة العليا وما تفرضه اللوائح والأنظمة من حقوق الموظفين وللاسف يميل البعض لصالح المنظمة على حساب الموظفين أو العكس، وهذا أضر كثيراً بسمعة موظفي الموارد البشرية وأصبحت سمعتهم على المحك وباتوا من المغضوب عليهم. ويعتقد، أغلب الموظفين، أن القرارات التعسفية التي تصدر منبعها إدارة الموارد البشرية والحقيقة أنها نابعة من الإدارة العليا وما الموارد البشرية الا أداة تنفيذية تأخذ على عاتقها التصادم مع الطرف الآخر، وهذا لا يعني أبداً انه لا يوجد نماذج سيئة من موظفي الموارد البشرية الذين لا يعرفون كيف يقفون في المنتصف ويتناسون أن دور موظف هذه الإدارة دور جوهري وحيوي وذلك من خلال تطوير ورفع كفاءة الموظفين وليس تصيد الأخطاء وإصدار القرارات التأديبية.
ونستطيع أن نقول أن دور إدارة الموارد البشرية دور محوري، تطويري، قوي، وفاعل بشرط أن يتم الايمان به وتمكينه من قبل الإدارة العليا وإعطاه الصلاحيات لممارسة مهامة التطويرية قبل التنفيذية، وأن يُعتد برأيه فيما يتعلق بالحلول التي قد تُطرح لتحسين أداء الموظفين ورفع جودة الخدمات المقدمة وكفاءتها.
ومن المؤشرات على تمكين إدارة الموارد البشرية ربطها بشكل مباشر برأس الهرم كالرئيس التنفيذي، فربطها بإدارة إخرى يعطي انطباعاً بعدم اكتراث أصحاب القرار بهذه الإدارة وما ينتج عنها، وغالبا يتم التعامل معها على أنها إدارة شؤون موظفين فقط وتنحصر أعمالها بعمليات الموارد البشرية دون النظر لباقي وظائف إدارة الموارد البشرية كتخطيط القوى العاملة، التعاقب الوظيفي، الأداء، التدريب والتطوير ، الثقافة المؤسسية وغيرها من الادوار التي ترفع من كفاءة المنظمة وترتقي بها لتحقيق أهدافها.
ومع تطور فهمنا للعلاقات البشرية، يظهر مفهوم الذكاء العاطفي كأداة أساسية في بناء فرق العمل الفاعلة والتي تُخرج أفضل مافي المجموعة. كما أن دور الذكاء العاطفي في تعزيز الأداء وتطوير الموارد البشرية دور كبير ويساعد الرؤساء في فهم من يعملون معهم وأن لكل شخص خصائص مختلفة عن الآخر يجب التعامل معها بشكل مختلف في كل مره. كما أن إلمام الموظف وتطوير ذاته بمهارات الذكاء العاطفي وفهم الآخرين، يساعده في التأقلم وفهم ما يدور حوله من أحداث وبالتالي يتعامل معها بشكل صحيح. فالذكاء العاطفي هو مفهوم يشير إلى القدرة على فهم وإدراك العواطف، سواءً للفرد نفسه أو للآخرين، وكيفية تحكم الشخص في تلك العواطف واستخدامها بشكل فعّال. ويشمل الذكاء العاطفي مجموعة من المهارات مثل التحليل الذاتي، وإدارة العواطف، وفهم تأثير العواطف على أداء الفرد وتفاعلاته مع البيئة.
وتكمن أهمية الذكاء العاطفي في الموارد البشرية في تحسين التواصل بين أفراد الفريق وتعزيز التواصل الفعال وفهم كلاً منهم للآخر، وتعزيز دور القائد حيث يساعد القادة في فهم احتياجات مرؤوسيهم. وتكمن أهميته أيضًا في بناء العلاقات الفعالة مع فريق العمل وأصحاب المصلحة وبالتالي يعزز التعاون والتكامل للمنظومة. وأخيرًا وليس آخراً، يمّكن الذكاء العاطفي صاحبه من التعامل بفاعلية مع تحديات وضغوط العمل.
كما أثبتت العديد من التجارب والدراسات أن الذكاء العاطفي يعزز فهم الأفراد للعواطف والتعبير عنها بوضوح ويسهم هذا في تحسين التواصل داخل الفريق وبناء جسور من التفاهم والعلاقات البنائة المفيدة لبيئة العمل. كما ترتبط مهارات الذكاء العاطفي بالقدرة على تحفيز الآخرين وتوجيههم نحو الأهداف المشتركة. وغالبا القادة الذين يمتلكون هذه المهارات يستطيعون تحقيق أقصى إمكانيات مرؤوسيهم ويستخرجون أفضل ما يتمتعون به من قدرات.
في الحقيقة، يُسهم فهم العواطف في بناء علاقات شخصية قوية داخل فريق العمل ويتيح ذلك للموظفين التفاعل بشكل أفضل ويعزز التكامل بين الأعضاء بشكل ملحوظ مما يعزز الانتاجية الشخصية الفعالة.
ويعتبر الذكاء العاطفي من أهم المهارات التي يجب على الفرد التحلي بها وتطويرها باستمرار وذلك لدورها الفاعل في التعامل مع الضغوط والتحديات،
كما تُسهم هذه المهارات في خلق بيئة إيجابية وأكثر حيويه، اما القادة الذين يمتلكون هذه المهارات فإنهم قادرين على تعزيز روح الفريق وتحفيز الموظفين وفهمهم والتعامل معهم بطرق إيجابية وأكثر تحضر، مما ينعكس إيجابًا على الموظفين ورضاهم عن بيئة العمل ويزيد من ارتباطهم الوظيفي.
ختاماً:
في عالم الموارد البشرية، يُظهر الذكاء العاطفي دوراً أساسياً في تحسين التواصل وتعزيز أداء الفرق، وتطوير هذه المهارات ويُسهم في بناء بيئة عمل صحية ومحفزة، تدعم نمو الموظفين وتعزز النجاح المشترك، وتحقق أهداف المنظمة والموظف في آن واحد.
متعب العنزي
التعليقات 1
1 pings
ابراهيم نايف العنزي
01/03/2024 في 10:59 ص[3] رابط التعليق
ماشاء الله تبارك الله مقال جداً رائع بارك الله فيك وفي طرحك